Home مقالات الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الرماني: النظام الضريبي المغربي غير عادل

الخبير الاقتصادي عبدالعزيز الرماني: النظام الضريبي المغربي غير عادل

0 second read
0
0
2,150

انطلقت يوم أمس الجمعة في المغرب أشغال المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات التي تستمر ليومين تحت شعار “عدالة جبائية”، حيث سيتم العمل على تحديد الخطوط العريضة لنظام جبائي جديد يقوم بالأساس على مبدأ “الإنصاف”.

يأتي هذا في ظل التقارير والتصريحات الرسمية وغير الرسمية التي تكشف عن حجم “الاختلالات” في النظام الضريبي الحالي، الذي يميزه بالخصوص “ضعف المردودية” و”انعدام الإنصاف”.

في هذا الحوار، يكشف الخبير في الاقتصاد الاجتماعي، عبد العزيز الرماني، أبرز التحديات التي تواجه “المناظرة الوطنية حول الجبايات”، الاختلالات التي تشوب النظام الضريبي الحالي، وأبرز الإصلاحات التي يجب العمل عليها لتجاوز تلك الاختلالات.

نص المقابلة:

ما هي أبرز التحديات المطروحة أمام “المناظرة الوطنية الثالثة للجبايات” التي انطلقت أشغالها يوم أمس؟

التحديات كثيرة جدا، لأن الاختلالات بدورها كثيرة جدا.

نحن في المغرب أمام اقتصاد غير منسجم مع ذاته، يعتمد أساسا مداخيل الضرائب غير المباشرة وعلى ما يسمى لدى الاقتصاديين بـ”اقتصاد الصندوق”، بدل الاقتصاد المتوازن المخطط له الذي لا يرهق الأفراد والمؤسسات.

فمثلا، حجم عجز الميزانية الذي يصل حاليا إلى 10 ملايير درهم، لا يمكن اعتباره عجزا إذا ما نظرنا إليه من الجانب الاقتصادي والمالي، بل يمكن علاجه بسرعة، خصوصا إذا ما استحضرنا حجم ما يضيع على الخزينة بسبب التهرب الضريبي والذي يصل إلى 2.5 مليار دولار.

هناك كما قلت اختلالات كثيرة، مما تشمله أيضا، الإعفاءات، فمن الغريب وغير المنصف مثلا أن أصحاب الضيعات الكبيرة جدا معفيون من الضريبة.

هذا يعني ضرورة إعادة النظر في الإعفاءات والتحفيزات الضريبية؟

نظام الإصلاح الضريبي يجب أن يقوم على ثلاثة محاور، العدالة والإنصاف وأيضا التحفيز، ولكن الإشكال المطروح اليوم هو في من يستفيدون من التحفيز.

فالتحفيز الذي يوجه الآن إلى المؤسسات والشركات الكبرى هو الذي أدى إلى هذا الاختلال الكبير جدا، والذي يجعل أن 2% من الشركات تؤدي 80% من الضرائب.

النظام الاقتصادي الحالي فيه كثير من الريع وهو ما يضيع الكثير على الدولة، ولا يترك مجالا للإنصاف على المستوى الاجتماعي، كما يجعل الدولة تعتمد في المداخيل على الضرائب غير المباشرة بينما تدير ظهرها للضرائب المباشرة وضرائب المؤسسات والشركات الكبرى.

وتبقى الجهة المتضررة من كل هذا على المستوى الاجتماعي هي الطبقة المتوسطة التي تعاني كثيرا، وعلى المستوى الاقتصادي المقاولات الصغرى التي يتعرض الكثير منها للإفلاس نتيجة لتلك الاختلالات.

ألا تعتقد أن النظام الضريبي بشكله الحالي يعكس إخلالا بمضامين الدستور، تحديدا ما جاء في الفصلين 39 و40 اللذين يتحدثان عن ضرورة تحمل الجميع التكاليف العمومية وما تتطلبه تنمية البلاد “كل على قدر استطاعته” و”بشكل يتناسب مع الوسائل التي يتوفرون عليها”؟

هناك إشكال بالفعل، فمثلا بالنسبة للضريبة على الدخل نرى أن موظفين يمكن أن يؤديا ضريبة بنفس القيمة بالرغم من أن هناك فارقا كبيرا في أجريهما.

وبشكل عام نرى أن الطبقات الكبيرة هي التي تؤدي عن الفئات التي تسمى بالنخب المالية الكبرى، والشركات البسيطة هي التي تؤدي عن الشركات الدولية.

بمعنى أن من يصنف في الطبقة المتوسطة قد يؤدي نفس ما يؤديه من يصنف في الطبقة الغنية أو أكثر من حيث النسبة.

طبعا هذا نظام غير عادل وغير متوازن يُفقر المواطن ولا يُغني الدولة، لذلك يجب على الإصلاح الذي سيطال النظام الضريبي أن يحقق الإنصاف بين الطبقة العليا والطبقة المتوسطة، بين الشركات الكبرى والصغيرة، القضاء على الريع، إلزام المهن الحرة بالأداء، والضرب على أيدي المتهربين… هكذا يمكن تقوية الاقتصاد والحد من الفوارق الاجتماعية والاقتصادية.

ماذا عن الضريبة على الثروة؟ هل يمكن أن تساهم في معالجة تلك الاختلالات؟

نعم. فمن العيب أن نكون في بلد إسلامي يفرض الزكاة على الثروة، ولايفرضها نظامه الجبائي، بل من العيب أن تكون في عالم متقدم مدني وحديث بغض النظر عن العقيدة الإسلامية ولا تفرض نظاما ضريبيا على الثروة.

هناك إشكال آخر يطرح علاقة بالنظام الضريبي، وهو عدم ثقة المواطن المغربي فيه والذي قد يكون من عوامل عدم الامتثال، كيف يمكن تحقيق ثقة المغاربة في النظام الضريبي؟

كيف يمكن الثقة في نظام لا يعتمد الإنصاف؟ كيف يمكن الثقة في نظام ينظر للموظفين بنفس النظرة ويفرض عليهم نفس الضريبة رغم الفوارق الهائلة التي قد تكون بين أجورهم؟ كيف يمكن الثقة في نظام يراجعك بعد سنوات من بيعك منزلا أو شقة ويطالبك بأداء مبلغ كبير بل ويوقف حسابك البنكي؟

الثقة يمكن أن تتحقق ببناء نظام ضريبي عادل ومنصف.

الإصلاح الضريبي الذي يحقق العدالة والإنصاف صار اليوم ضرورة تفرضها إكراهات المرحلة والأزمات التي نواجهها من حين إلى آخر واتساع الفوارق الاجتماعية والريع الكبير وحجم الخسائر التي تتكبدها الدولة نتيجة اختلالات النظام المعمول به.

نتمنى أن يتم خلال المناظرة الحالية العمل على وضع إجراءات عملية لإصلاح كل تلك الاختلالات وغيرها، كما نتمنى تنزيل تلك الإجراءات إلى أرض الواقع وألا تبقى مجرد حبر على ورق.

Load More In مقالات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Check Also

الرماني يقدم قراءة في الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة المغربية